من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم توصيل أمانة لمن يستعملها في حرب الدين]

صفحة 127 - الجزء 2

  وأما فعل المحظور فلقوله تعالى في علماء بني إسرائيل الذين كانوا يأخذون المال في مقابل التحريف: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ٧٩}⁣[البقرة].

  والذي يظهر لي أن آخذ الأجرة على شيء من ذلك إذا تاب ورجع إلى الله لا يلزمه الرد، وذلك:

  ١ - أن دفع الأجرة إلى الرجل يكون إباحة وإذناً له في استهلاك المال، وحينئذٍ فلا يلزمه الضمان، وإن أثم باستهلاكه.

  ٢ - ولأن الله تعالى يقول: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}⁣[البقرة ٢٧٥]، وبناءً على هذا فإن طالب الدافع بالمال الذي دفعه: فإن كان المال باقياً فيلزمه رده، وإن كان مستهلكاً لم يلزمه شيء؛ لما سبق إليه من الإذن له باستهلاكه.

  قال أهل المذهب كما في الأزهار وشرحه: إنها تحرم الأجرة على فعل واجب كالحكم وتعليم القرآن ونحو ذلك، وكذلك تحرم على فعل محظور كأجرة الكاهن والمغنية. وهذا إذا كانت الأجرة مشروطة أو مضمرة.

  أما إذا كان الرجل يعمل الواجب لا في مقابلة الجعالة بل لوجوبه ثم يعطى بعد ذلك شيئاً لأجل عمله فإنه يجوز له أخذه؛ لأنه من باب البر ولو فهم أنه من أجل ذلك العمل ما لم تلحقه تهمة فيأثم وتحل له الجعالة؛ وذلك لوجوب دفع التهم عن النفس⁣(⁣١).

[حكم توصيل أمانة لمن يستعملها في حرب الدين]

  سؤال: إذا حمل رجل أمانة ليوصلها إلى رجل آخر فانكشف لحامل الأمانة أن الأمانة التي يحملها أُرْسِلَت لحرب الإيمان والدين، ولعداوة المؤمنين، ولتقوية الباطل والمبطلين، فما هو اللازم عليه؟ وكيف يعمل؟


(١) شرح الأزهار ٣/ ٣٠٢، ٣٠٣.