باب إجارة الآدميين
  قلت: ينبغي أن يسمى ذلك معاملة، ولا يسمى إجارة، وإنما صح ذلك لكونه معاملة، ولو كان إجارة لكانت فاسدة، والمعاملة لا يشترط فيها حصول الغرض من الفوائد والأرباح.
  مثال المعاملة: أن تتفق مع شخص يقوم بالعمل على طاحونك فما حصل من إجارة الطحن كان بينك وبينه، أو أن يسوق سيارتك ويؤجرها، أو أن يشتغل على حَرَّاثتك أو غَرَّافك أو نحو ذلك، ويكون ما حصل بينك وبينه نصفين أو على حسب ما اتفقا عليه.
  والمعاملة كذلك صحيحة سواء حصل الغرض المطلوب من الفوائد أم لم يحصل، وقد جرى على ذلك المسلمون في كل بلاد من غير اعتراض، والسمسرة هي من هذا القبيل، وليست من قبيل الإجارة؛ لأنه يشترط لصحة الإجارة كمية الأجرة عند العقد.
  ومن أراد أن يخرجها من هذا الباب، ويجعلها إجارة فيشترط عند الاتفاق أن يقوم السمسار بعرض السلعة وقتاً محدداً بأجرة محددة فيستحق السمسار الأجرة بانتهاء المدة سواء نفقت السلعة أم لم تنفق.
  وعندي أن من يحكم بفساد ما ذكرنا في أول المسألة يتوهم أنها إجارة، وأن من حكم بصحتها يلحقها بباب المعاملة.
  ويؤيد ما ذكرنا أنها من باب المعاملة الصحيحة - أمور:
  ١ - إقرار المسلمين التعامل بها.
  ٢ - ما ثبت من أن اللازم حمل معاملات المسلمين على الصحة ما أمكن.
  ٣ - ويمكن أن يستدل على ذلك بما جاء عن النبي ÷ واشتهر من أنه عامل يهود خيبر على النصف مما يحصل من غلتها.
  ٤ - التشابه الكبير بينها وبين المضاربة.