باب شرك المكاسب وما يلحق بها
  ١ - وذلك في الشراكة العرفية، فكثيراً ما يكون أهل البيت الواحد من الإخوة والأعمام وأولاد الأعمام مشتركين، وكل واحد منهم يسعى على انفراده، يبيع ويشتري ويضيِّف ويضمن ويتصدق ويعطي السائل، وكل ذلك في حال الشراكة.
  ٢ - وقد يكون أحدهم هو المتولي للتصرفات، وبيده أزِمَّة الحل والإبرام، وليس لأحد من الشركاء معه أي تصرف فيما يعود إلى المال، والعادة عند من كان كذلك أن هذا المتولي يتصرف بالمال في البيع والشراء والضيافات وإعطاء السائل والصدقات و ... إلخ؛ فهاتان صورتان مما عرفته من الشراكة العرفية.
  فبناءً على ما تقدم في الأزهار وشرحه تكون مثل هذه التصرفات صحيحة وجائزة.
  وهناك مسألة تشابه ما ذكرنا جرت بها العادة، وهي فيما إذا كان بعض الشركاء صغاراً أو مجانين، فالعادة أن الكبار من الشركاء يصلحون المال المشترك ويوفرونه بالتجارة والزراعة، ومع ذلك فإنهم يعطون السائل، ويضيفون النازل بهم أو الأرحام على حسب العادة والمعروف عندهم، ويتصدقون ويهدون و ... إلخ.
  والذي ظهر لي أن تصرفاتهم هذه جائزة وصحيحة؛ وذلك لأمور:
  ١ - أن هذه العادة عادة عرفية، وكما تقدم فالعرف متبع.
  ٢ - أن منع مثل هذا التصرف قد يؤدي بالإخوة الكبار إلى عزل أنصباء الصغار وتركها من الإصلاح.
  غير أنه يشترط لجواز مثل هذه التصرفات ألَّا يتجاوز حد المتعارف بين الناس.
  هذا، وقد يشهد لما تقدم قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].
  ٣ - أن العرف يجري عند العلماء مجرى الإذن، فقالوا: إن العرف يجري على الصغير والمسجد و ... إلخ.
  نعم، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ