من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب شرك المكاسب وما يلحق بها

صفحة 190 - الجزء 2

  قلت: وأحكام الشراكة العرفية مبنية على العرف، وقد جرت الأعراف بأن ما اشتراه أحد الشريكين يكون للجميع، وما باع يكون على الجميع.

[شريكان في مزرعة أحدهما يأكل من ثمارها والآخر ساكت ثم طالب]

  سؤال: شريكان لهما مزرعة مشتركة بينهما؛ أحدهما يأكل من ثمارها ومنافعها وشريكه ساكت لا يكلمه في ذلك، ثم بعد حين جاء الشريك يطالب شريكه في قيمة ما استهلك من الثمار، فما هو اللازم على المستنفع في هذه الحال؟

  الجواب والله الموفق والمعين: أنه بناءً على ما ذكره أهل المذهب من أن الأصل فيما كان مثل هذا هو الضمان بخلاف ما تقدم في السؤال الذي قبل هذا⁣(⁣١)، فإنهم فرقوا بين استهلاك المنافع واستهلاك الأعيان، فجعلوا الأصل في الأول الإباحة بخلاف الثاني.

  فبناءً على ما قرروه فيلزم الشريك المستنفع بالمزرعة قيمة ما استهلكه من الثمار من حصة شريكه، ولا يعتبر السكوت رضاً ولا إذناً.

  ويمكن أن يستدل على ذلك بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}⁣[النساء ٥٨]، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة ١٩٤]، وبما روي في الأثر: «على اليد ما أخذت حتى ترد».

  هذا، وأما ما اختص ببذره أو غرسه المستنفع بالأرض فلا يلزمه فيه لشريكه شيء، وذلك أنه لم يستهلك على شريكه شيئاً من الأعيان، وإنما انتفع بمنافع مشتركة، وكما تقدم: الأصل فيها الإباحة.

[تصرف أحد الشركاء في الشراكة العرفية بدون مراضاة]

  سؤال: عدة إخوة مشتركون شراكة عرفية، يتولى النفقة أحدهم، وفيهم أخوهم الصغير حديث عهد بالزواجة، فهل يجوز له أن يشتري الشيء بعد


(١) ذكر أن الأصل في المنافع الإباحة في كتاب الإجارة، تحت عنوان: «السكن في منزل بدون ذكر الأجرة». (محقق).