باب شرك المكاسب وما يلحق بها
  وقد ذم الله في القرآن أهل الغدر، ومدح أهل الوفاء؛ ومن القواعد الفقهية: «أن الواجب حمل عقود المسلمين على الصحة ما أمكن»، وهذه الشركة يمكن إلحاقها بشركة العنان المذكورة في كتاب الشركة.
  فإن قيل: كيف تلحقونها بشركة العنان والمال هنا من طرف واحد؟
  قلنا: لأن العقد المذكور في السؤال قد تضمن إقراض الدافع للمال للرجل الآخر نصف المال، وذلك من حيث إنه ضَمَّنَه نصف الخسارة، فمن هنا عرفنا أنه قد أقرضه نصف المال؛ لأن الخسارة تابعة لرؤوس الأموال؛ لذلك فنقول: إن هذه الشراكة صحيحة يلزم الوفاء بها.
[حكم بيع الشريك لما هو مأذون بالتصرف فيه]
  سؤال: باع رجل قطعة أرض من رجل آخر، ثم اشترك هذان الرجلان اللذان هما البائع والمشتري في هذه الأرض المبيعة فبنيا فيها واستغلاها أكثر من خمسة عشر عاماً، ثم إن هذين الشريكين اختلفا وتنازعا، فأراد البائع أن ينقض البيع في تلك الأرض المشتركة فأمر شركاءه بمطالبة المشتري بنصيبهم حيث إنهم لم يبيعوا وإنما باع شريكهم.
  هذا، مع العلم أن البائع هو المتصرف في كل شيء يبيع ويشتري وما حصل فهو للجميع، بالإضافة إلى أنه كان قد شمل شركاءه فيما باع من الأرض.
  هذا، ثم أمر شركاء له آخرين هم النساء بالمطالبة، مع العلم أنه لم يتعين نصيبهن من الأرض في ذلك المكان، ولم يبع أكثر من نصيبه.
  فما هو اللازم على المشتري نحو هؤلاء المطالبين؟
  الجواب والله الموفق: أنه لا يلزم المشتري نحو هؤلاء المطالبين شيء، وشراؤه لما اشتراه صحيح ثابت، وذلك أن بيع الشريك فيما هو مأذون في التصرف فيه بيع صحيح جائز في نصيبه ونصيب شركائه، وهذا بالنسبة إلى شركاء البائع في الشراكة العرفية أو نحوها.