باب شرك المكاسب وما يلحق بها
  أما بالنسبة إلى النساء فإن البائع إذا لم يبع إلا قدر نصيبه أو أقل فلا سبيل لهن على المشتري، وذلك أن المشتري اشترى من المالك للأرض واستهلك الأرض بالبناء، وهناك أكثر من قدر نصيبهن يمكنهن أن يأخذن منه نصيبهن، وهذا مع سكوتهن لأخيهن في التصرف واستهلاك جزء من الأرض مدة متطاولة، وقد جاء في الحديث: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
  فلو قلنا ببطلان البيع من أجل نصيب النساء لَلَحِقَ المشتري ضرر عظيم، أما فيما ذكرنا فلم يلحق ضرر بأي طرف من الأطراف، وهذا أقرب إلى العدل والإنصاف، وقد قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء ٥٨].
  هذا، مع أن الذي يظهر لي أن سكوت الشريك في الأرض لشريكه فيما يحدث من التصرف بالبيع والبناء في قدر نصيبه مدة متطاولة نحو خمس عشرة سنة - كما في السؤال - يعتبر قسمة، وحينئذ فيتعين ذلك للشريك وحده، وبناءً على هذا فلا سبيل على البائع والمشتري.
  فإن قيل: المعروف أنه يشترط في صحة البيع رضا المالك، وكذلك في صحة القسمة فإنه يشترط فيها رضا المشتركين.
  قلنا: ما ذكرنا أولاً من سكوت الشريك مدة طويلة يعتبر رضا بالقسمة وإذناً فيها، ولا سيما في الأرض المستوية لا فضل لجانب منها على جانب فإنه أشبه شيء بالمكيل والموزون، وقد قال الفقهاء في ذلك: إن ما قسمته إفراز فلا يشترط فيها حضور الشريك ولا رضاه ولا إذنه.
[حكم من اشترى من أحد الشريكين ثم طالبه الآخر بثمن نصيبه]
  سؤال: باع رجل ثمر بستان وله شريك، وقبض الثمن كله، والمشتري يعلم أن له شريكاً، فجاء الشريك وطالب المشتري بتسليم ثمن نصيبه، فقال: قد سلمته لشريكك، فتنازعا واختلفا؛ فما هو اللازم في هذه الحال؟
  الجواب والله الموفق: أن الشريك إن كان قد أذن لشريكه ببيع الثمر فالإذنُ