[جواز بناء سقاية من غلة بركة]
  وعلى هذا فيجوز للابن الأكل مع أبيه، وقد استدلوا على ذلك بما روي أن رجلاً ذبح شاة إكراماً للنبي ÷، ثم تبين للنبي ÷ أن الشاة مسروقة فلم يأكل منها النبي ÷، وأمر أن يطعموها بعض المساكين، هكذا معنى الرواية.
  ٢ - يقدر الولد أنه يأكل من نصيب أبيه الذي يأخذه مقابل عمله.
  ٣ - وبما أن السائل من طلبة العلم الفقراء فإنه من مصارف ذلك الوقف؛ لأن الوقف المذكور موقوف على الضعفاء والمساكين كما يظهر لي، والله أعلم.
  وبناءً على ذلك فليأكل الولد بنيّة الصرف في نفسه، ولا يتجنّب الأكل في بيت أبيه.
  أما المعاونة لأبيه في حرث الوقف وزراعته فلا حرج عليه في ذلك ولا إثم إن شاء الله، وذلك ليس من المعاونة على الإثم والعدوان، فالإثم والعدوان هو في حبس نصيب الفقراء والمساكين ومنعهم منه ومن استهلاكه، والزراعة والحرث ليستا من ذلك.
  فإن قيل: قد بطلت الولاية هنا بالخيانة، فيكون الحرث والزراعة من العدوان؛ فلا تجوز المعاونة حينئذ.
  قلنا: يحتاج عزل مثل ذلك إلى حاكم من قبل سلطان المسلمين، أو من قبل محتسب، أو من قبل الصلاحية، أو من منصوب الخمسة، فإذا لم يكن شيء من ذلك فالولاية مستصحبة، وإذا لم ينسحب هذا المتولي وينعزل من نفسه عن الوقف فولايته باقية كما ذكرنا.
  والدليل على ما قلنا: ما روي عن أمير المؤمنين # كما في نهج البلاغة أنه كان يتهدّد بعض ولاته الذين ظهرت منهم بعض الخيانات ويتوعدهم بالعزل والجزاء الصارم، ولم يروَ أنه جدد الولاية لمن ظهرت منهم الخيانة، وإنما كان يدعوهم إلى ترك الخيانة وإلى التوبة مما جنوه، ولو كانت الخيانة عزلاً لاحتاج إلى تولية جديدة، فلما لم يظهر شيء من ذلك عرفنا أن الخيانة ليست بنفسها عزلاً.
  وعلى هذا العمل فيما يظهر عند ولاة المسلمين قديماً وحديثاً.