من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم مبادلة جربة المسجد بأخرى]

صفحة 246 - الجزء 2

  نعم، قد يستدل لما قلنا بما روي عن النبي ÷ أنه أشرك علياً # في هديه، ولتحويله ÷ وقف عبدالله بن زيد إلى والديه، ولنقل الصحابة المسجد إلى قرب بيت المال ليحفظ، وكان ÷ يقول لعائشة: «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة»، وما روي عن أنس قال: كان رسول الله ÷ كثيراً ما يهم أن ينفق فاضل مال الكعبة في سبيل الله ø؛ ذكر هذه الروايات في المسائل النافعة.

  هذا، ونقل المصلحة الدينية هو من شؤون الولاة، فإنهم هم المكلفون بالنظر في المصالح العامة ورعايتها، فإن لم يكن في الزمان والٍ فقد قال أهل المذهب: إن لمن صلح لشيء ولا إمام أن يفعله. اهـ.

  وذلك لئلا تضيع الحقوق والمصالح العامة، وذلك من باب الحسبة خاصة أو عامة، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}⁣[المائدة ٢]، وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ٩٤}⁣[الأنبياء].

  نعم، لا يجوز نقل المصلحة إلى أصلح منها إلا إذا كان الأمر على ما ذكرنا في المساجد المهجورة، أما ما كان رجحان المصلحة فيه يختلف باختلاف الأشخاص فالواجب البقاء على ما عينه الواقف وإن كان غيره أرجح في نظر غيره.

  هذا، وكلام أهل المذهب هنا متردد فقال في الأزهار: (وفي نقل مصلحة إلى أصلح منها خلاف).

[حكم مبادلة جربة المسجد بأخرى]

  سؤال: هل يجوز لولي الوقف أن يبادل بجربة المسجد فيأخذ مكانها وبدلها جربة أخرى لمصلحة؟

  الجواب والله الموفق: أن المصلحة إذا كانت تعود إلى المسجد كالقرب من الماء أو القرب من ولي المسجد كي يتيسر له حفظها ونحو ذلك فلا مانع، وقد روي أن الصحابة نقلوا المسجد نفسه من موضع إلى موضع لأجل حفظه كما ذلك مروي في البحر وتخريجه.