من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[يجوز لصاحب الحق أن يرشي لأخذ حقه]

صفحة 270 - الجزء 2

  فالأول، والضعيف والمرأة، ومَن بلاده بعيدة، وبناءً على ذلك فينبغي تقديم الأول فالأول.

  نعم، قد يجوز هنا تقديم غير الأول، بخلاف القاضي فلا ينبغي؛ وذلك لئلا يتهم بالحيف، فمراعاة العدل في القضاء ومقدماته وما يتصل به أمر مشدد فيه.

  وأما فيما نحن فيه فليس الأمر كذلك فيجوز إذاً تقديم غير الأول بشرط ألَّا يكون في ذلك إضرار بالآخرين، وهذا إذا كان التوزيع فيما كان للناس فيه حق.

[يجوز لصاحب الحق أن يرشي لأخذ حقه]

  سؤال: هل يجوز لصاحب الحق أن يرشي الحاكم ليتوصل إلى أخذ حقه أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب منعوا من ذلك كما في حواشي البيان، وأجاز ذلك الإمام المنصور بالله والإمام يحيى بن حمزة @ وغيرهما.

  والذي يظهر لي - والله أعلم -: أن صاحب الحق إذا عرف أنه لا يتوصل إلى حقه إلا بالرشوة فإنها تجوز حينئذٍ؛ وذلك لأمرين:

  ١ - أن قوله تعالى: {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١٨٨}⁣[البقرة]، غير متناول لمن ذكرنا، وإنما هي فيمن يرشي الحكام ليأكل أموال الناس بغير حق، وأما من ذكر فإنما يستفدي ماله لا أموال الناس.

  ٢ - القياس على الأسير، فإنه قد ثبت أنه يجوز له أن يستفدي نفسه من الظالم بماله.

  فإن قيل: قد جاء في الحديث اللعن للراشي والمرتشي.

  قلنا: ذلك عام يمكن تخصيصه بمفهوم الآية وبالقياس.

  وبعد، فلا نسلم أن من ذكرنا يسمى راشياً، فلعل هذا الاسم خاص بمن ذكر في الآية.

  هذا، ويمكن أن يستدل لما ذكرنا بأن الله تعالى قد نهى عن تضييع المال، وقد أجاز سبحانه وتعالى للمضطر ما لا يجوز لغيره.

  ويمكن أن يدل أيضاً على ما قلنا أنه روي أن النبي ÷ همّ بأن يعطي