[حكم الحلف بحرام وطلاق]
  بل مفاد العبارة الثانية دائر بين معنيين اثنين:
  الأول: أن الطلاق والحرام صادران من الزوجة، وطلاق الزوجة لزوجها أو لغيره غير معتبر.
  الثاني - وهو بعيد -: أن يكون المعنى أنه طالق من زوجته، أي: عن زوجته، وهذا غير صحيح ولا معتبر؛ وذلك أن الطلاق على النساء لا على الرجال، فلا يصح أن يطلق الرجل نفسه.
  فإن قيل: ما ذكر في السؤال عبارة يحلف بها أهل تلك المناطق معتقدين لوقوع الطلاق بها.
  قلنا: لا عبرة بما كان كذلك إذا لم يكن موافقاً للشرع.
  فإن قيل: فليكن على الأقل من كنايات الطلاق فتعتبر فيه النية.
  قلنا: من شأن الكناية أن تدل على الطلاق بالالتزام كقولهم: تقنعي، أو اعتدي، فإن التقنعَ من الزوجة والعدةَ لا تكون إلا من طلاق، وهاهنا لا يوجد ما يدل على وقوع الطلاق على الزوجة.
  وفي الشرح وحواشيه: أن: عليّ الطلاق من زوجتي، أو يلزمني الطلاق؛ من كنايات الطلاق.
  وقال السيد إدريس التهامي، والإمام يحيى: إنهما لا صريح ولا كناية. قال الإمام المهدي: وهو الأقرب عندي(١).
  قلت: من شرط الكناية أن يقصد اللفظ والمعنى، وبناءً على ذلك فإن الذي يحلف بهذه الكنايات لا يقصد فراق زوجته، وإنما يقصد إقناع منازعه.
  وهذا على تسليم أن ما ذكر في السؤال من الكنايات، وذلك بعيد؛ فإن المتلفظ باللفظ المذكور في السؤال يقصد به اليمين، فكأنه قال: أقسم بالحرام والطلاق من زوجتي لأفعلن كذا وكذا.
  والدليل على صحة هذا التأويل: هو وقوع جواب القسم عقيب الحرام والطلاق.
(١) شرح الأزهار ٢/ ٣٨٦.