عاهد الله ليذكرنه ثلاثة أشهر متواصلة
عاهد الله ليذكرنّه ثلاثة أشهر متواصلة
  سؤال: شخص عاهد الله سبحانه لئن شفاه من مرض كذا وكذا ليذكرن الله ثلاثة أشهر متواصلة، ثم قال: وإن لم أف يا رب اجعلني كثعلبة بن حاطب، ثم شفاه الله من ذلك المرض، فهل له مخرج من هذا العهد؟ وإن لم يكن له مخرج إلا بالوفاء فما هو حد التواصل في ذكره لله؟ وقد ألح علينا السائل في الإجابة.
  الجواب: الذي يظهر لي أن هذا العهد بمنزلة اليمين، وذلك أن العهد لله على فعل كذا وكذا وعد مؤكد بالغاية من التوكيد وهو هنا العهد، واليمين كذلك، فهي في مثل ذلك وعد مؤكد بالغاية من التوكيد وهي الحلف بالله جل وعلا.
  وينبغي للمؤمن أن يفي بما حلف عليه من طاعة الله تعالى، وإذا تعسر عليه ما حلف عليه أو شق به فليكفر عن يمينه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم ٢].
  وقد نزلت آية الكفارة في سورة المائدة في بعض الصحابة الذين حلفوا على أن يصوموا ولا يفطروا، ويقوموا الليل ولا يناموا ... إلخ.
  وما جاء في ذم ثعلبة فلأنه بخل بالصدقة الواجبة، وتمرد عن أدائها، ولم يف بوعده المؤكد في ذلك، وكان قد عاهد الله لئن رزقه الله مالاً ليؤدين حق الله فيه، وليكونن من جملة الصالحين الذين يؤدون صدقات أموالهم ولا يبخلون بها.
  وليس ما جاء في السؤال من باب النذر؛ فالعبادة المنذور بها تجب بالنذر إذا كان جنسها واجباً، بخلاف ما إذا حلف أو عاهد الله على فعلها فإنها لا تصير بذلك واجبة، بل الواجب هو المحافظة على اليمين بالوفاء أو بفعل الكفارة، فالتكليف هنا متعلق باليمين، وفي النذر متعلق بالمنذور به.
  فإذا أراد الحالف الوفاء بما حلف عليه من ذكر الله تعالى ثلاثة أشهر متواصلة فإن كان له نية صرفت اليمين إلى ما نوى. وإن لم يكن له نية معينة فيستثنى له من الثلاثة الأشهر ما تدعو إليه الحاجة والضرورة مثل أوقات النوم وأوقات الأكل والشرب، وما تدعو إليه حاجة نفسه وعوله من أوقات طلب المعيشة.