من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الكفارة

صفحة 291 - الجزء 2

  عليه ألف يمين فإنه يقسم الألف اليمين ثلاثة أقسام، وذلك لأن أيمانه التي كان يحلفها تنقسم في العادة إلى تلك الثلاثة الأقسام أيمان غموس، وأيمان لغو، وأيمان معقدة، والكفارة إنما تلزم في المعقدة، وحينئذ فلا يلزمه أن يكفر إلا عن ثلث الألف اليمين، وذلك ثلاثمائة وثلاث وثلاثون كفارة، وهذا إذا لم يدر الحالف بغلبة أي الثلاث الأيمان.

  فإن عرف أن الغالب على أيمانه هي اليمين الغموس بأن تكون في ظنه مثلاً ثلثي أيمانه والثلث الثالث تشترك فيه اللغو والمعقودة - فعليه أن يقسم الثلث الباقي بين اللغو والمعقده على حسب ظنه، فإن تساوتا في ظنه قسم الثلث نصفين، وهذا تفصيل لما يريده أهل المذهب من التحري.

  وقد يمكن لقائل أن يقول: إذا كان الأمر كما جاء في السؤال من أن الحالف كان لا يبالي بمعصية الله فإنه يكون بذلك كافراً؛ لأن عدم المبالاة بمعصية الله تعني التهاون بنهي الله وأمره، وذلك هو التكبر على الله تعالى، والمتكبر على الله كافر، ودليل ذلك ما وقع في قصة إبليس لعنه الله حين أمره الله تعالى بالسجود لآدم فأبى، وآثر هوى نفسه ولم يبال بمعصية الله فكان بصنيعه ذلك من المتكبرين الكافرين.

  إذا عرفت ذلك فمن كان كما ذكر السائل فإنه لا يلزمه كفارات والتوبة كافية؛ لأن التوبة من الكفر تَجُبُّ ما قبلها.