كتاب الأيمان والكفارات والنذور
  ٢ - ومن جهة هو نذر معلق على شرط.
  فاقتضى النظر مراعاة الوجهين جميعاً على التخيير دون الجمع؛ للإجماع والاتفاق على أنه لا يلزم الحانث النذر والكفارة.
  ويرجح مذهب التخيير بأنه سالم من التحكم حيث اعتبر الوجهين، بخلاف المذهب الآخر عمل بوجه وأهمل الوجه الآخر.
  فإن قيل: الوجه الآخر غير معتبر شرعاً؛ لأن اليمين الشرعية هي ما كان بالله أو بصفة من صفاته، وما نحن فيه ليس فيه شيء من ذلك.
  قلنا: الحلف بالنذر أو الوقف أو العتق أو الطلاق يمين معتبرة عند علماء المسلمين، وقد بوب لها الفقهاء وقالوا: إن للإمام أن يحلِّف بها في أيمان البيعة، وغيرها، ولا خلاف في أنها تسمى أيماناً، وإنما الخلاف فيما يلزم الحانث، على ثلاثة أقوال:
  ١ - يلزم النذر أو الطلاق أو ... إلخ.
  ٢ - يخير الحانث بين الكفارة، أو الوفاء بالنذر.
  ٣ - لا يلزم الحانث شيء، وكأن حي سيدي العلامة علي بن محمد العجري رحمة الله عليه يميل إلى هذا القول الأخير في (المقاصد الصالحة المطبوع)؛ لما جاء في الحديث من النهي عن الحلف بغير الله تعالى.
  إذا عرفت ذلك، فالذي يفتي من الزيدية بالتخيير بين الوفاء بالنذر والكفارة - إنما نظر إلى ما ذكرنا من الوجهين، ولم يستند إلى الحديث الضعيف الذي ذكرتم.
  - نعم، الأدلة التي أوردتم لم تتناول الحلف بالنذر، وإنما هي في النذر المطلق، أو النذر المشروط، إلا ما ذكرتم عن الإمام زيد بن علي # فهو مما نحن فيه.
  وقوله ذلك قول من ثلاثة أقوال في المسألة، وكل مجتهد مصيب، وقد روي في البحر عنه خلافه، والمسألة اجتهادية ولكل ناظر نظره، وقد قال الإمام زيد # في مجموع رسائله وهو يتحدث عن اختلاف أهل البيت $: (اختلافنا لكم رحمة فإذا أجمعنا ... إلخ).