من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب النذر

صفحة 297 - الجزء 2

  - وإن أراد أن يهديه إلى البيت كما تهدى الإبل والبقر والغنم فلا يصح النذر ولا يلزمه شيء، وغاية ما يلزمه كفارة يمين؛ لأنه نذر بما لا يجوز.

  - وفي النذر بإهداء الفرس أو العبد: إن كان المراد والنية حين النذر أن يهدي الفرس والعبد كما تهدى الأنعام بأن ينحرهما للبيت فهذا النذر لا يصح ولا يجوز، وغاية ما يلزمه كفارة يمين؛ لأنه نذر بمعصية، إلا إذا كان مذهبه جواز أكل لحم الفرس فإنه يلزمه نحره، ويُكفِّر للعبد لأن ذبحه معصية.

  - وإن أراد بنذره بذلك أن يجعلهما للبيت من حيث إنهما مال كالذهب والفضة لا لينحرهما صح نذره ولزمه البيع وأن يشتري بالثمن هدايا للبيت.

  - أما من نذر بذبح نفسه أو ولده أو مكاتبه فالنذر غير صحيح؛ لأنه لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين.

  للمذهب: ومن جعل ماله في سبيل الله صرف ثلثه في القرب المقربة إلى الله ... إلخ.

  قلت: يمكن أن يقال: إن النذر بجميع ما يملكه الإنسان معصية، ولا نذر في معصية الله تعالى.

  والدليل على أنه معصية قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}⁣[الإسراء]، ومن نذر بجميع ماله فقد بسط يده كل البسط، ورد النبي ÷ صدقة المتصدق ببيضة من ذهب وقال: إنه لا يملك غيرها، فحذفه النبي ÷ بها، واستنكر ÷ على الذي يتصدق بماله كله ثم يقعد بغير مال يتكفف الناس، هذا معنى الرواية.

  وفي حديث: «إنما الصدقة عن ظهر غنى»، وقال سبحانه وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}⁣[البقرة ٢١٩]، فأرشد الله تعالى المتصدقين إذا أرادوا الصدقة أن يتصدقوا بالعفو، والعفو فهو الفاضل عن حاجة الإنسان وعوله.