من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الأيمان والكفارات والنذور

صفحة 298 - الجزء 2

  - وإذا كان النذر معصية فلا يلزم إخراج ثلث المال، وغاية ما يلزم كفارة يمين، وقد قال أهل المذهب كما في الحواشي: إن كفارة اليمين إنما تلزم في النذر بالفعل، وهذا نذر بمال، والكفارة لا تلزم في النذر به بحال. تمت (é)⁣(⁣١).

  - والوقف فيما أرى كالنذر، فإن وقف الإنسان جميع ماله وقعد بغير شيء لم يصح الوقف كما تقدم، هذا هو الذي أميل إليه. فإن وقف واقف ماله كله لمسجد أو نحوه فيحتاج الأمر إلى حاكم يحكم في الوقف إما بالصحة أو بالفساد؛ لأن المسألة خلافية.

  - إذا مَلَّك الإنسان كل ماله لرجل وقبل الرجل وقبض وأشهدا على ذلك صح ذلك، وإن أثم صاحب المال، وهكذا إن وهبه أو تصدق به عليه مع الإشهاد والقبول والقبض، فيملك الموهوب له والمتصدق عليه ما قبضاه وقبلاه، وإن أثم الواهب والمتصدق. وإثمه إنما كان من حيث إنه بسط يده كل البسط.

  وإنما قلنا إن هؤلاء يملكون ما أعطوا لحصول سبب الملك وهو الإيجاب والقبول والقبض والإشهاد وطيبة نفس المعطي.

  فإن قيل: لم فرقتم بين الوقف والنذر وبين التمليك والهبة والصدقة فحكمتم بصحة بعض دون بعض مع وجود المانع في الجميع، وهو ما ذكرتم من الدليل السابق.

  قلنا: النذر والوقف طاعة لله وقربة مقربة إليه، والعصيان لله ينافي ذلك، فإذا كان الوقف والنذر معصية لم يكن عند الله وفي حكمه نذراً ولا وقفاً، والناذر والواقف يريدان بالوقف والنذر تمليك الله جل وعلا، والله تعالى قد نهى عن بسط اليد، وما نهى عنه فلن يقبله.

  أما التمليك والهبة والصدقة فيراد بكل واحد منها تمليك القابض فيملكها بالقبول والقبض. أي: أن ذلك معاملة بين المعطي والآخذ بإيجاب من المعطي


(١) شرح الأزهار ٢/ ١٩٣.