من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم إقامة رجل دعوى لغرض تغريم من يؤذيه]

صفحة 360 - الجزء 2

  قلت: يتفرع على ذلك:

  ١ - إذا ادعى رجلان شيئاً كل واحد منهما يدعي أنه له دون صاحبه، ولا يد لواحد منهما عليه، وجاء كل واحد منهما ببينة، أو حلف كل واحد منهما أنها له دون صاحبه، أو نكلا جميعاً عن اليمين؛ ففي أي حالة من هذه الحالات فإن الشيء المدعى يقسم بينهما نصفين.

  ٢ - إذا اختلط ملك رجلين وادعى كل واحد منهما أن له أكثر من النصف فإنه يقسم بينهما نصفين، وهذا مع عدم البينة ونحوها.

[حكم إقامة رجل دعوى لغرض تغريم من يؤذيه]

  سؤال: هل يجوز للرجل أن ينتقم ويجازي من يؤذيه ويصر على أذيته وتغريمه بأن يلفق عليه دعاوى ومطالب، ويدخل معه في شريعة ويغرمه في تلك الشريعة، وذلك ليسلم شره ويترك أذيته؟

  الجواب والله الموفق: أن الرجل إذا لم يجد سبيلاً للسلامة من أذى صاحبه إلا الشجار فإنه يجوز له ذلك، ولكن بشرط أن لا يدعي عليه دعوى كاذبة كذباً صريحاً؛ لأن الكذب محرم لا يجوز تعمده، ولكن يأتي في دعواه بالمعاريض والإيهام والتورية.

  ودليل ما ذكرنا: ما تقرر في موضعه أن للإنسان أن يدفع عن نفسه وعن ماله، وعليه أن يقدم الأخف فالأخف، ولا يستعمل السيف مع إمكان الدفع بالعصا والسوط، فعلى ضوء ذلك قلنا ما قلنا.

  وإذا كان الرجل يجد سبيلاً أخف من الشجار فلا يجوز له الشجار، وهكذا سائر المنكرات تدفع بالأخف فالأخف، ولا يجوز دفعها بالأشد مع إمكان دفعها بالأخف.

  ودليل ذلك: أن الله تعالى حرم دماء المسلمين وأبشارهم وأعراضهم وأموالهم، ولا شك أن الله تعالى قد حتم على المؤمنين دفع المنكرات بنصوص القرآن، فإن أمكن دفع المنكر من غير أن يمس دماء المسلمين وأبشارهم