الحكم بالنكول
  هذا، وقد استقويتُ من بعد هذا قولَ أهل المذهب: وهو أنه يجب الحق بالنكول؛ لقوله تعالى في سورة النور: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ...} الآية [النور: ٨].
الحكم بالنكول
  قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٦ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٧ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ...} الآية: فقد جعل تعالى الأيمان على الزوجة المقذوفة من قبل زوجها، فإن حلفت درئ عنها الحد، وإن لم تحلف حدت حد الزنى. وليس هناك ما يوجب العذاب إلا النكول عن الأيمان.
[حكم الحاكم بالنكول]
  قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ...} الآية [النور: ٨]، وردت الآية في الزوج الذي يرمي زوجته بالزنا ولا بينة له.
  يؤخذ من الآية: أن الحاكم يحكم بالنكول، فمن ادعي عليه حق ولا بينة عليه، وأصر على الإنكار - ألزمه الحاكم باليمين، فإن حلف حكم ببراءته من الحق في الظاهر، وإن أبى عن الحلف وأصر على النكول حكم عليه الحاكم بثبوت الحق المدعى عليه إلا أن يرد اليمين على المدعي فلا يحكم عليه بالحق بل يلزم الحاكم حينئذ المدعي بالحلف فإن حلف استحق ما حلف عليه، وإن نكل عن اليمين حكم الحاكم ببراءة الخصم المدعى عليه.
  فإن قيل: هذه الآية واردة في قذف الزوج لزوجته، وما ذكرتم هو في الحقوق المالية ونحوها وأين أحدهما من الآخر؟
  قلنا: الذي استفدناه من الآية أن النكول عن اليمين في حكم الاعتراف، والنكول والاعتراف هو شيء واحد، سواء تعلق بمال أو بحق أو بحد أو بغير ذلك.