من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحكم بالنكول

صفحة 363 - الجزء 2

  فإن قيل: الحكم على الزوجة في الآية بالحد هو بشهادة الزوج القاذف أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين لا بالنكول.

  قلنا: أيمان الزوج الأربع ثم الخامسة إنما كانت ولزمته ليدفع بها عن نفسه حد القذف بدليل العطف على أيمانه بقوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ...} فدل ذلك أن أيمان الزوج كانت لدرء الحد عنه.

  وعلى ذلك فلو نكل الزوج عن الأيمان لوجب عليه حد القذف، ومن هنا جاء في القصة التي نزلت فيها الآية أن النبي ÷ قال للزوجين عند الأيمان: اتقيا الله فأحدكما كاذب، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة؛ هذا معنى الرواية، فدل ذلك على أن الزوج لو لم يحلف لاستحق الحد الذي هو عذاب الدنيا.

  - حد الزوج هو: إذا نكل عن الأيمان هو من أجل القذف فيحد للقذف لا للنكول هكذا قالوا.

  والذي يظهر لي أن الزوج إذا نكل عن الأيمان كان اعترافاً بكذبه في القذف فيحد حينئذ لاعترافه بالكذب عليها، ومن هنا قال تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٦}⁣[النور]، فإذا لم يحلف أنه صادق فيما رماها به من الزنا كان كاذباً فيحد لكذبه عليها.

  - وقالوا كما في حواشي شرح الأزهار: أن المرأة إذا نكلت تحد لأيمان الزوج؛ لأن أيمانه بمنزلة أربعة شهود.

  والجواب: أنها إذا نكلت الزوجة بعد أيمان الزوج وأصرت على النكول كان ذلك اعترافاً منها بصدق الزوج فيما رماها به، فالحد حينئذ للاعتراف.

  فإن قيل: لم حث النبي ÷ المتلاعنين على التصادق فقال ÷: «الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب»، والمعروف أنه ÷ يحب الستر في مثل ذلك وكان ÷ يلقن المعترف بالزنا ما يسقط عنه الحد وروي: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» إلى غير ذلك؟