من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

(شهادة فاسق التأويل)

صفحة 377 - الجزء 2

  وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[هود: ١١٣]، والركون كما قال المفسرون هو: الميل اليسير؛ والاعتماد في الدين على أخبار الفاسقين من أعظم الركون.

  وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}⁣[المنافقون].

  ففي هذه الآيات أن رد أخبار المذكورين مرتب على الفسق والظلم والنفاق، وحينئذ فلا يجوز قبول أخبار الفاسق والظالم والمنافق، وإن كان مظنة للصدق؛ لوجود الوصف المانع من قبول خبره.

  ويؤيد ما ذكرنا: قوله تعالى في سورة النور في قذف المحصنات: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ١٣}⁣[النور]، فحكم الله تعالى بكذبهم وإن كانوا في نفس الأمر صادقين.

  نعم، الذي أميل إليه أن الحاكم إذا رأى في صورة الشاهد وفي كلامه ما ينبي عن عدالته - لم يلزمه البحث واكتفى بذلك الظاهر، غير أنه يلزمه أن يفتح الباب للمشهود عليه في الجرح، ويطلب منه رد الشهادة، إن كان معه ما يردها من جرح أو غيره.

  وإن كان في صورة الشاهد وكلامه ما يبعث على الشك طلب من المدعي إثبات عدالته، وفتح الباب للمشهود عليه في رد شهادته من جرح أو غيره، ومثل ذلك أن يكون الشاهد من مجتمعٍ الغالب عليهم الصلاح، أو من مجتمع الغالب عليهم الفساد؛ فمع غلبة الصلاح يكتفى بالظاهر بالنسبة للحاكم، ويفتح الحاكم للخصم باب الجرح، ومع غلبة الفساد يطلب الحاكم تعديل البينة.

(شهادة فاسق التأويل)

  في شرح الأزهار: قال #: والصحيح قبول شهادته (أي: فاسق التأويل) إذا كان متنزهاً عن محظورات دينه. انتهى⁣(⁣١).


(١) شرح الأزهار ٤/ ٩٤.