من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شهادة المختلفين في المذهب بعضهم على بعض

صفحة 379 - الجزء 2

  كان الفاسق المتأول يحرم الكذب ويتحرى الصدق.

  نعم، مما يؤيد أن الفسق مطلقاً سلب أهلية: ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # حين بعث معاوية إليه سراً يستفتيه في الخنثى، وذلك ما معناه: (أبعد الله قوماً يستحلون دماءنا ويقبلون فتوانا أو قولنا)، والقصة مشهورة.

  ومن ذلك ما يظهر من تحري الأئمة السابقين في رواية الحديث واحتياطهم، فقد كانوا يتجنبون أخبار أهل البدع وأخبار النواصب، و ... إلخ.

شهادة المختلفين في المذهب بعضهم على بعض

  سؤال: هل تقبل شهادة المختلفين في المذهب بعضهم على الآخر أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أنه ينبغي ألَّا تقبل شهادة بعض أهل المذاهب على البعض الآخر ممن ليس على مذهبه؛ وذلك لما ينشأ بينهم في العادة من العداوات، وقد تقرر في الشرع أنه لا تقبل شهادة العدو على عدوه، وهذا مع أن كل طرف يرى أن الآخر غير عدل، فلكل حينئذٍ أن يطعن في الشاهد بأنه غير عدل.

  هذا، وأما شهادة المجبرة مثلاً بعضهم على بعض، أو المشبهة، أو المرجئة، أو أي أهل مذهب يشهد بعضهم على بعض عند حاكم - فإن لهذا الحاكم أن يحكم بتلك الشهادة وإن كان لا يرى أصحاب الشهادة عدولاً في مذهبه.

  ودليل ذلك: حكم النبي ÷ على اليهوديين الزانيين بالرجم بعد قدومه المدينة بناءً على شهادة بعض اليهود عليهم بالزنا.

  هذا، ويشترط في الشهود أن يكونوا مرضيين عند أهل تلك الطائفة.

  ويتفرع على هذا قبول شهادة الأعراب بعضهم على بعض في البيوعات والنكاح والطلاق ونحو ذلك، ومثلهم كثير من أهل الأطراف البعيدين عن التعاليم الإسلامية، وكثير من أهل القرى الذين غمرتهم الجهالات، فإنها تقبل شهادة بعضهم على بعض قياساً على ما تقدم، إذا كان الشهود ممن ترضى شهادتهم في تلك البلاد.