[الشهادة على المعاملات عبر التليفون قياسا على الأعمى]
  والذي ألجأنا إلى ما قلنا هو الضرورة، وقد أجاز الله تعالى شهادة غير المسلمين للضرورة في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ}[المائدة ١٠٦]، فلو لم تقبل شهادة من ذكرنا لبطلت عقود البيوعات والأنكحة وسائر العقود، وترتب على ذلك من الفساد شيء عظيم، ولفتحنا على الناس باب شر كبير، والله تعالى يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، ويقول: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨].
[الشهادة على الإقرار من التلفون]
  سؤال: هل تجوز الشهادة على الإقرار ونحوه المسموع من التلفون ونحوه، أم لا؟
  الجواب والله الموفق: أن الإنسان إذا سمع الصوت وتحققه، وتحقق قائله وعرفه - فلا مانع من الشهادة ومن صحتها.
  وقد أجاز أهل المذهب شهادة الأعمى فيما لا يحتاج إلى النظر والمشاهدة(١)، وبناءً على هذا فيخرج للمذهب من هنا صحة الشهادة على الإقرار المسموع من التلفون ونحوه.
[الشهادة على المعاملات عبر التليفون قياساً على الأعمى]
  الكلام عبر التليفون بمنزلة الكلام الذي يسمعه الأعمى فما قبلت فيه شهادة الأعمى، فتقبل شهادة المستمع للتليفون، وما لا فلا، هذا في باب الشهادة على الصوت المسموع من التليفون.
  ويصح عقد الاتفاقيات عبر التليفون، إذا عرف الشهود الصوت وتحققوه، وسواء في ذلك اتفاقية بيع أو غيره كعقد مضاربة أو شراكة، إلا ما يشترط فيه التقابض في المجلس نحو بيع الجنس بجنسه من المقدرات، والصرف والسلم.
(١) شرح الأزهار ٤/ ١٩٩.