من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب في الكفالة

صفحة 402 - الجزء 2

  يمكن أن يقال في الجواب: إن العرف الجاري بين أهل العرف بمثابة الرضا والالتزام به، ولا شك أنه يحكم على المكلف بما التزم به ورضي، وقد ثبت الحكم من الله تعالى على المكلفين بما رضوا به على أنفسهم والتزموا به بمثل قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ١٤}⁣[القيامة]، {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}⁣[النساء ٢٩]، {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١]، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}⁣[الإنسان ٧]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ}⁣[التوبة ٧٥]، ونحو: «... وإذا وعد أخلف»، وحينئذٍ فلا مانع من إطلاق القول بأن الحكم المترتب على العرف حكم الله تعالى.

(الصحب والالتزامات بين القبيلة)

  سؤال: يكون بين القبيلة ما يسمونه بالصحب في بلادنا، وهي التزامات ومعاهدات فيما بينهم على التناصر والتعاون بالنفوس والأموال فيما قد يحدث من البلاوي؛ فما هو الحكم في ذلك؟

  الجواب والله الموفق: أن الصحب والالتزامات والمعاهدات بين القبيلة شيء حسن يجب الوفاء به، إلا ما كان فيه إثم أو عدوان فلا يجوز الوفاء به، عهد الله أولى بالوفاء.

  وقد أوجب الله تعالى على المكلفين أن يوفوا بالعهود والعقود فقال سبحانه وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ٣٤}⁣[الإسراء]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١]، {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧٦}⁣[آل عمران]، والآيات في هذا الباب كثيرة، وفي الحديث المشهور: إن خلف الوعد من صفات المنافقين، ومدح الله تعالى إسماعيل # فقال: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ٥٤}⁣[مريم].