من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[بعض ما يشترط في القاضي]

صفحة 424 - الجزء 2

  - ونعني بما يعرف بفطرة العقل ما يمكن التعرف عليه بواسطة قوة فطنة العقل وذكائه عند النظر في القرائن والأمارات القوية والضعيفة، ومعرفة الصحيح منها وغير الصحيح، وتمييز الدلائل المعمول بها عن غيرها، والتفطن لحيل المتحيلين ومكرهم ودهائهم ... إلخ.

  - والتحلي بهذا القسم غير متوقف على العلم بالأحكام الشرعية.

  ومن الأمثلة على هذا القسم: ما جاء في القرآن في قصة يوسف #: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٢٦ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٢٧ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ٢٨}.

  - وبفطرة العقل السليم وقوة فطنته يعرف:

  ١ - أن الدعوى لا تكون مقبولة وصحيحة حتى تكون متعلقة بشيء معلوم متميز، كأن يقول المدعي: أدعي أن الأرض الفلانية التي في بلد كذا القريبة من مكان كذا التي يحدها من الشمال كذا و ... إلخ. أو أن عند فلان لي مبلغاً قدره كذا وكذا من العملة اليمنية، أو أدعي أن عند فلان لي شفعة في الأرض الكائنة في البلد الفلاني المحدودة بكذا وكذا ... إلخ.

  أما لو قال المدعي: أنا أدعي أن عند فلان لي مفروشات أو بندق أو جنبية؛ فإن العاقل لا يقبل هذه الدعوى المجهولة.

  ٢ - ويعرف القاضي المحنك أن الدعوى إذا كانت لغير المدعي غير مقبولة، إذا كان المدعي غير ولي ولا وكيل، فإن القاضي سيردها ويقول للمدعي: ما لك وللدعوى، ليس لك أي حق في الدعوى على فلان؛ لأنك لا تدعي حقاً لك عليه، ولست بولي لصاحب الحق ولا وكيل.

  ٣ - يعرف القاضي بفطنته أن الشاهد إذا كان عدواً للمشهود عليه غير مقبول الشهادة، ويعرف أنه إذا كان للشاهد نفع عائد إليه بمقتضى شهادته أن شهادته غير مقبولة.