من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[أجرة المحكم بين رجلين]

صفحة 431 - الجزء 2

  الراشي والمرتشي في الحكم.

  قلت: ظاهر قوله تعالى: {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ}⁣[البقرة ١٨٨]: أن المحرم من الرشوة ما كان لأجل أكل أموال الناس بغير حق، وأما ما أدلي به إلى القاضي من أجل أن يحكم بالحق فلا يقال له في ظني رشوة، وإنما هو أجرة أو عطية.

  أما القاضي فلا يجوز له أخذ الأجرة على الحكم؛ لأن الحكم واجب عليه، وأخذ الأجرة على الواجب محرمة، وإن أعطيه على وجه الإحسان فإن طابت به نفس معطيه، ولا يلحق القاضي تهمة في أخذه، ولا هو متوقف في حكمه على العطية - حل له الأخذ.

  وأما المعطي فلا وجه لتأثيمه؛ لأنه إنما يستفدي حقه، وما مثله إلا كمثل من يداري قطاع الطريق بجزء من ماله لئلا يأخذوا عليه ماله كله، أو ليردوا عليه ما أخذوه.

  وقد قال أهل المذهب: إذا علم ولي اليتيم أن الظالم يأخذ ماله جاز له أن يدفع شيئاً منه وقاية للباقي، ولا يأثم ولا يضمن، بل لا يبعد الوجوب. انتهى. أفاده في التاج.