من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم التوكيل في القصاص]

صفحة 441 - الجزء 2

  الجواب والله ولي التوفيق: أن الحكم يتعلق بالظن، فإذا ظن الرجل ظناً راجحاً السلامة في وقوفه في المكان الخطر فإنه لا إثم عليه في الوقوف، وإن ظن التعرض للهلاك أو الجراح فإنه يحرم عليه الوقوف، إلا إذا كان واقفاً للدفاع عن ماله أو عن جاره أو عن أخيه المؤمن فإنه لا يأثم.

  وإذا أمسك أهله وأولاده وهو يظن السلامة فلا إثم عليه، وإن كان يظن التعرض للخطر فإنه يأثم. ودليل ذلك عقلي، فإن العقلاء يحكمون بما ذكرنا.

[حكم التوكيل في القصاص]

  سؤال: وكل رجل رجلاً آخر في أن يتولى القصاص من قاتل قريبه بعد أن ثبت للوكيل وموكله بطريق الشهرة والتواتر أن ذلك القاتل كان قتله لقريب الرجل عدواناً وبغياً وظلماً؛ فهل ذلك جائز وصحيح أم لا؟

  الجواب والله الموفق: قد قال أهل المذهب: إن التوكيل في استيفاء القصاص لا يصح إلا أن يكون الوكيل بحضرة الموكل فيصح، وفي ذهني أنهم عللوا عدم صحة ذلك بقولهم: لجواز عفو الموكل⁣(⁣١).

  والذي يظهر لي صحة التوكيل، فقد يكون القاتل متشرداً خائفاً، وولي الدم امرأة أو زمناً أو شيخاً ضعيفاً لا يقدر واحد منهم على مطاردة القاتل وملاحقته والتصيد لقتله، فإذا لم نقل بصحة التوكيل ضاع الاقتصاص وأمن القاتل.

  يؤيد ذلك: ما عليه الناس من أن بعض أولياء الدم يستوفي القصاص من القاتل مع غياب بعض الأولياء في المحاكم وفي غيرها، ولم يستنكر ذلك أحد من أهل العلم.

  نعم، لا يجوز أن يتولى الوكيل القصاص إلا إذا علم أن القاتل كان قاتل عمد عدوان، إما بالمشاهدة وإما بإقرار القاتل، وإما عن طريق الشهرة والتواتر، وإما بحكم حاكم معتبر.


(١) شرح الأزهار ٤/ ٢٤٠.