قوله تعالى: {وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 25}
  نحن عليكم، وتكلم علينا بما علم منكم؛ تعالى الله عما يقول المبطلون، ويضيف إليه الملحدون. وليس انطاقه إياها في الآخرة، إلا كإنطاقه للألسنة في الدنيا والآخرة، وليس إنطاقه للألسنة إلا كإسماعه السمع، فلما جعل في السمع استطاعة على أن يسمع سمع، وكذلك العين واليد والرجل؛ فالعين: الله خلقها، والنظر إلى الأشياء فعل العبد، واليد: الله خلقها، والإنسان يبطش بها، والرجل: الله خلقها، والإنسان بها مشى؛ فمن الله سبحانه خلق الأدوات، وإيجاد الآلات في الأبدان، وما تفرع منها فمن أفعال الإنسان؛ وذلك - ولله الحمد، ذو المن - بين الشأن، لمن عرف الله على حقيقة العرفان.
  · قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ٢٥}[فصلت: ٢٥]
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألته عن: قول الله ø: {وقيضنا لهم قرناء}، إلى قوله: {كانوا خاسرين}؟
  فقال: معنى {قيضنا} هو: خلينا وأمهلنا، ولم يحل بين هؤلاء القرناء وبين من اجترأ علينا، والقرناء فهم: قرناء السوء، من شياطين الجن والإنس؛ فلما أن كان الله تبارك وتعالى قادر على أن يصرف عن أعدائه هؤلاء كيد هؤلاء القرناء، فلم يفعل؛ جزاء على فعلهم، وخذلانا بكفرهم - جاز أن يقول: {قيضنا}، يريد: تركنا وأمهلنا، حتى زينوا لهم. معنى التزيين فهو: التحسين، بما يبسطون لهم من الأمل في الدنيا، ويمنونهم من المغفرة في الآخرة التي تبقى؛ فهذا معنى: {فزينوا