قوله تعالى: {إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور 43}
  · قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٤٣}[الأنفال: ٤٣]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #، في سياق ردِّه على ابن الحنفية ما لفظه:
  وأما ما ذكر من قول الله ø: {وإذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور ٤٣ وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا}[الأنفال: ٤٣، ٤٤]، فقال وتوهم أن هذا الأمر المفعول الذي يقضيه الله هو: قضاؤه على الفريقين بالقتال، والمزاحفة والاقتتال؛ وليس ذلك - ولله الحمد - على ما قال، ولا على ما توهم من المحال: أن الله يقضي على الكافرين بقتال المؤمنين، ولا أنه يقلل المؤمنين في أعين الكافرين؛ تشجيعا منه لهم على قتال المؤمنين، وتأييدا بذلك لهم على المهتدين؛ ولكن قللهم في أعينهم؛ لكيلا يروهم بحالة الكثرة، مع ما في قلوبهم من هيبة الروعة، فينهزموا ويذهبوا، ويرجعوا ولا يقاتلوا، فكان ذلك خذلانا لهم وخزيا عليهم، وقللهم في أعين المؤمنين؛ لكيلا يروهم على الكثرة التي كانوا عليها، فيهابوا ويخافوا، فقللهم في أعينهم؛ تأييدا منه لهم، ومعونة وإحسانا إليهم؛ فأما قوله: {ليقضي الله أمرا كان مفعولا}، فمعناه: ليقضي الله وعدا كان منجزا، وهو ما وعد رسوله والمؤمنين من النصر إذا نصروه، والتسديد لهم إذا قصدوه؛ ألا تسمع كيف يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}[محمد: ٧]، ويقول: {ولينصرن الله من ينصره}[الحج: ٤٠]، فقضى تبارك وتعالى لرسوله وللمؤمنين عند الالتقاء بما وعدهم من النصر، وفعل لهم