تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا}

صفحة 139 - الجزء 1

  · قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]

  قال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش #:

  مسألة في معنى {ولا تحمل علينا إصرا} الآية:

  والمجبرة تسأل عن قول الله تبارك وتعالى: {ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}: أنه سبحانه إذا أطاعه عبده خفف عليه المحنة، وسهل عليه العمل بطاعته؛ بلطف منه وتأييده له؛ جزاء منه لمن أطاعه، والعبادة عليه خفة، وازداد نشاطا في العمل لله، وهانت عليه الدنيا وشدائدها؛ لأنه وعد الشاكرين الزيادة، فقال: {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}، ووصف عن نوح # أنه قال لقومه: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا}، إلى قوله: {ويجعل لكم أنهارا}؛ ويكثر مثل هذا في القرآن.

  وإذا عصاه عاقبه فخلاه، وتركه من توفيقه في بلواه، فاشتد عليه اليسير من المحنة، وعظم عليه قليل المصائب، وثقل عليه فوات الضيف⁣(⁣١) من أمر الدنيا، وصار ما خف على المؤمنين بحسن اليقين عليه ثقيلا، من الطاعة والعمل لرب العالمين؛ فكلما ازدادوا معصية لله ازدادوا لطاعة الله بغضا، ومن أوامره بعدا، ولها رفضا؛ وذلك فعقوبة من الله لهم بكفرهم، وتماديهم في غيهم، وقد بين الله جل ذكره ذلك في كتابه بقوله: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا}، إلى قوله: {وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما}.


(١) هكذا في الأصل المنقول منه، وهو النسخة المطبوعة، ولعل العبارة: «وثقل عليه فوات اللطيف من أمر الدنيا». (جامعه)