قوله تعالى: {والجبال أرساها 32}
  أن تكون «بعد» في معنى: «مع»، وقد قال الله ø: {عتل بعد ذلك زنيم}، وإنما هو: «مع ذلك»، ويقول الرجل للرجل يسابه: «هو أحمق بخيل، وبعد هذا لئيم الحسب»؛ أي: مع هذا.
  وأنشد للهذلي:
  حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشر أهون من بعض
  يريد: أن خراشا نجا قبل عروة.
  ووجه آخر: أن يكون خلق الأرض ولم يدحها، فلما خلق السماء دحا الأرض بعدها، أي: بسطها؛ و «دحاها»: بسط ومد؛ وذلك في كلام العرب، قالوا: دحى يدحوا، ودحيت أدحى لغة، وقال أمية بن الصلت:
  دار دحاها ثم أعمر أرضها ... وأقام في الأخرى التي هي أمجد
  وقال أوس:
  ينفي الحصى عن جديد الأرض منتزل ... كأنه لاعب أو فاحص داحي
  · قوله تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢}، وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ٤٢}[النازعات: ٣٢ - ٤٢]
  قال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي #:
  وسألت عن: قوله: {أرساها} في مواضع من القرآن، فقلت: ما معنى ذلك؟
  قال أحمد بن يحيى ~: {أرساها} على وجهين في القرآن، كل واحد منهما غير صاحبه: