قوله تعالى: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم 114}
  وبمعصية عن أن يقوم فيه أبدا، وجعل تركه للقيام فيه - وإن كان مسجدا من المساجد - طاعة وهدى، وكيف تجوز فيه صلاة، أو يكون له طهر أو زكاة، ولم يأذن الله سبحانه في بنائه لمن بناه قط؟! بل بناؤه له معصية لله كبيرة وسخط، ودخوله على من بناه محرم لا يحل، فكيف تحل فيه صلاة أو تقبل؟! ألا تسمع لقول الله جل ثناؤه، فيما رفع من البيوت بإذنه: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدوة والآصال ٣٦ رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكوة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ٣٧}[النور: ٣٦ - ٣٧]؛ فدل سبحانه عليها وعلى زكاتها، بما ذكر من إذنه في رفعها وبنائها، فلو كان ما أذن الله في رفعها منها كما لم يأذن فيه - لكان ذكر الإذن منها فضلا لا يحتاج إليه، وكان سواء فيها أذن أو لم يأذن، وكان ما بين من ذلك كما لم يبين، فلما لم يأذن سبحانه لأحد في رفع المسجد الحرام، كان محرما فيها - فضلا عن الصلاة - كل دخول أو قيام، ومن ذلك: ما نهى رسول الله ÷ عن أن يقوم في مسجد الضرار؛ إذ بني مخالفة لله سبحانه وعصيانا؛ ولقد كان ما ذكرنا من هذا الباب، قبل ما نزل من وحي الكتاب، وإن في الجاهلية منه لرسما، أصابوه فكرة أو تعلما؛ فقالوا قريش عندما أرادوا من بناء الكعبة: لا تخرجوا فيما أردتم من بناء بيت ربكم، إلا نفقة طيبة؛ فاجمعوا فيما تريدون من بنائه من كل مال زكي، ونقوه من كل ظلم، ومن أجر كل بغي.
  · قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ١١٤}[التوبة: ١١٤]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #، في سياق كلام عن الهجرة ما لفظه: