قوله تعالى: {على فترة من الرسل}
  وليس قولهم لهذا المقال الفاسد المحال، إلا مثل قولهم: إن الله سبحانه يقضي بالمعاصي، ويأمر بها ويشاؤها، ويعذب خلقه عليها.
  ومثل قولهم: إن الله جسم وصورة، فوصفوه بما نفى عن نفسه، وشبهوه بالمحدثين من خلقه؛ فأوجبوا أن خالقهم: مصور مجسم، فيه آثار الصنع والتدبير، والتأليف والتقدير؛ فحكموا بجهلهم: أنه مخلوق كخلقهم، مؤلف كأحدهم؛ فصاروا يعبدون شبحا مقدرا، وجسما مؤلفا؛ فكفروا وهم لا يعلمون، وعبدوا غير الله وهم لا يشعرون؛ عمى من قلوبهم، وقلة معرفة بخالقهم، وجهلا بدينهم، يخبطون في عشواء مظلمة، لم يستضيئوا بنور الحكمة، ولم يقتبسوا من معدن الرسالة، فيعرفوا الحق، ويقفوا منه على الصدق، اتبعوا الشهوات، وتركوا الواضح من المحكمات، وصاروا في المهالك والظلمات، وأخذوا دينهم من كذب المقالات، فضلوا عن الصواب، وصاروا بذلك إلى شر مآب، جهنم يصلونها فبئس المهاد؛ فلا تلتفت - يرحمك الله - إلى شيء من مقالتهم؛ فإنها حجج داحضة، وأقاويل مختلطة، ومذاهب مهلكة؛ فهم كما قال الله ø: {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}[الكهف: ١٠٤].
  · قوله تعالى: {عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ}[المائدة: ١٩]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {على فترة من الرسل}؟
  والفترة: فهي المدة التي بين الرسل، وقد يقال: إنه كان بين عيسى ومحمد @ أربعمائة سنة، وبين موسى وعيسى مثل ذلك.