قوله تعالى: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون 83}
  · قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ٨٣}[آل عمران: ٨٣]
  قال في المجموعة الفاخرة:
  وإنما معنى قول الله سبحانه: {وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها} هو: المعرفة به، والإقرار بربوبيته، وأنه الخالق غير مخلوق، والرازق غير مرزوق، كما قال سبحانه: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون}[العنكبوت: ٦١]، فهذا معنى ما أراد الله - والله أعلم - بقوله: {وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها}؛ لأن الإسلام يخرج في اللغة على معنيين:
  فأحدهما: الإقرار بفعل الفاعل، والتسليم له، وترك المكابرة له في فعله، والمعاندة له بالإنكار لما يحدث من صنعه.
  والمعنى الثاني: فهو الاستسلام لأمر الآمر، والإنفاذ لما حكم به، والانقياد لجميع ما قيد إليه، وصرف من الأفعال فيه.
  فعلى المعنى الأول ما يخرج به تفسير الآية، لا على المعنى الثاني الذي توهم الحسن بن محمد: أن عليه يخرج معناها، ولو كان ذلك كذلك، أو قارب شيئا من ذلك - لكان جميع الخلق لله مطيعين، وفي أمره سبحانه متصرفين، طائعين كانوا أو كارهين، ولو كان كما يقول هو ومن معه من الجاهلين، إذا لما وجد أنبياء الله لله في الأرض عاصين، ولكان الله تبارك وتعالى بإكراهه لهم على طاعته، وإدخالهم قسرا في مرضاته - مجتزيا مكتفيا عن نهيهم عن معصيته، ولما احتاج الخلق إلى المرسلين، ولما حذرهم الله من حذر، من مردة الجن والعالمين.
  وأما قوله: {طوعا وكرها}، فالمطيع منهم في ذلك هو: من أطاع الحجة