سورة التغابن
سورة التغابن
  
  هذا تفسير السورة كاملة للإمام الهادي #:
  {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
  قول الله سبحانه: {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}، معنى {يسبح} فهو: يقدس ويعظم، ويجل ويكرم. {ما في السموات وما في الأرض} فهو: كل ما أنشأ وبرأ من الخلق؛ فمن الخلق: ما يسبحه ويقدسه بلسان ناطق ويذكره، وهم أهل الأمر والنهي من الخلق، المأمورين بالطاعة، المنهيين عن المعصية، من الملائكة والثقلين، من الجن والإنس المذكورين؛ فهؤلاء يسبحون له ويذكرونه بالتقديس والتكبير، والإجلال والتعظيم. وما كان مما في السموات والأرض، من غير المأمورين من الأشياء المخلوقات، والأمور المدبرات، من سائر ما خلق الله وذرأ، من جميع ما أوجد من الأشياء، من النجوم والشجر، وغيرهما من كل ما فطر - فإنما تسبيحه وتقديسه تسبيح من يسبح من أجله، ولعظم ما فيه من صنعة ربه، فإذا رأى المؤمنون أثر صنع الله في هذه الأشياء، سبحوه بما رأوا فيها، وقدسوه لعظم ما رأوا من صنعه في إيجادها، فكان تسبيحهم لما رأوا من أثر الصنع فيها سببا لقول القائل: إنها سبحت؛ لما كان التسبيح من أجلها وبها، ولما رأوا فيها من أسبابها، كما كان من السجود من الملائكة لآدم # هو: سجودهم لله الذي أوجد آدم، فكان سجودهم لله من أجل ما رأوا من أثر صنعه في عبده، وعظم تقديره في خلقه، فجاز أن يقال: سجدوا لآدم؛ إذ كان السجود من أجل آدم وسببه، ولما أظهر الله سبحانه فيه من قدرته، فعلى ذلك ومثله جاز أن يقول