تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا 24}

صفحة 8 - الجزء 3

  السلام من السنة المقبلة، وتم لهم على الهدنة حتى نقضوا. ومعنى قوله: {فعلم ما في قلوبهم} يقول: علم ما في قلوبهم، من النية والصبر، والاحتساب له سبحانه. {وأثابهم فتحا قريبا}، يقول: أعطاهم ورزقهم فتحا قريبا، وهو فتح خيبر، ومغانمها الكثيرة التي أخذوا منها، من النخيل والأثاث، والذهب والفضة. والتي لم يقدروا عليها في ذلك الوقت، ثم قدروا عليها من بعد فهي: بلاد الروم والشامات، وما والاها، ثم افتتحوها في غزوة تبوك، ثم افتتحوها من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لبنيه.

  · قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٢٤}⁣[الفتح: ٢٤]

  قال في المجموعة الفاخرة، في جوابه على ابن الحنفية:

  وأما ما سأل عنه من: قول الله سبحانه: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم}، فقال: هل كان يستطيع أحد أن يمد يده إلى عدوه؟

  وقد كف الله سبحانه أيدي حزبه، من رسوله والمؤمنين، عن حزب الشيطان الفاسقين، وأذن لرسوله وأطلق له مهادنة قريش ومن معهم من المشركين؛ نظرا منه سبحانه للمؤمنين، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لما أن طلبته قريش منه، ولو لم يأذن الله له ø في ذلك لم يفعله، ولم يك ليرجع يوم الحديبية حتى يقاتلهم، وعلى الحق وبالحق ينازلهم، ولقد أراد ذلك صلى الله عليه وآله، وبايع أصحابه على الموت فيه بيعة ثانية، وهي البيعة التي ذكر الله عن المؤمنين ورضي بها عنهم، وأنزل السكينة عليهم، وصرف القتال، وكف أيدي الكل من الرجال؛ بما أطلق لرسوله صلى الله عليه وآله من اجابته لهم، إلى ما طلبوا من المهادنة في ذلك