قوله تعالى: {وما آمن معه إلا قليل 40}
  كأنهم يرون أن القول على: إن الله ø يريد أن يمنعكم من الإيمان، ومما أمرني أن أدعوكم إليه من الحق - وليس وجه الآية كما ظنت المجبرة، وإنما عنى نوح ~: إن كان الله يريد عذابكم فلن ينفعكم نصحي. والعذاب فهو: الغي؛ ألا ترى أن الله سبحانه يقول: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}، يقول: فسوف يلقون عذابا، وقول إبليس اللعين: {فبما أغويتني}، يقول: فبما جعلتني وحكمت علي أني من المعذبين؛ فالغي: عقوبة كما ذكرنا؛ والغي على وجهين: عقوبة عاجلة، وعقوبة آجلة؛ العاجلة: ما أصاب إبليس من اللعنة، وإخراجه مما كان فيه من الكرامة، والآجلة: قول الله ø: {فسوف يلقون غيا}، يقول: فسوف يلقون عذابا.
  وجواب آخر: يقول: إن كان الله يريد أن يغويكم، ولم يقل: قد أراد إغواءكم، وإنما قال: «إن كان» على مجاز الكلام، ولم يقل: أنه قد فعل؛ وبهذا أجاب القاسم بن إبراهيم ~.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #:
  وأما قوله تعالى: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} - فمعناه: أن نصحي لكم لا يدفع عنكم عذاب ربي، المستحق بعصيانكم؛ لأنه تعالى لا يريد أن يعذب إلا المستحق، وإن كان عذبكم بإغوائكم عن طريق الجنة في دار الآخرة؛ فإن ذلك أكثر نقمة، فأما مع بقاء التكليف: فلو أراد غواهم عن الدين لكانت بعثة الرسل عبثا؛ لأنه لا عوض في مقابلتها، وذلك لا يجوز على الله سبحانه؛ فتأمل ذلك موفقا.
  · قوله تعالى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ٤٠}[هود: من آية ٤٠]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي @:
  قال الله تعالى: {إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل}؛