تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون 32}

صفحة 491 - الجزء 2

  فقال: هذا قول من إبراهيم صلى الله عليه لقومه، تبرأ فيه من كل ما يعبدون من دون الله، وثبت التولي منه لرب العالمين الذي فطره. ومعنى قوله: {سيهدين} فهو: سيوفقني للحق، ويهديني إليه، ويبينه لي. والتي جعلها باقية في عقبه فهي: كلمة الإخلاص، ودين الحنيفية، الباقي في عقبه إلى يوم الدين.

  · قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٣٢}⁣[الزخرف: ٣٢]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #، في قوله تعالى: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}:

  سأل - أيده الله - عن: قوله سبحانه: {ليتخذ بعضهم بعضا سخريا}، وعن: الغرض، وما السخري؟

  الجواب عن ذلك: أن السخري هو: التذليل، «سخره» إذا ذلله، ولما كان من استهزأ بغيره فكأنه استذله قبل تسخيره - فما تصرف من هذه اللفظة فهو يرجع إلى هذا المعنى؛ وذلك: أن الحكيم سبحانه أراد ظهور الحاجة في الخلق؛ ليقع الاعتراف بالعبودية؛ لأن المحتاج لا يكون إلها؛ فالمعنى: قد اتخذ الفقير سخريا لحاجته إليه، والفقير سخريا للغني مثل ذلك، والبعض يحتاج إلى البعض: الأعلى إلى الأسفل، والأسفل إلى الأعلى، فإذا الذي تحق عبادته هو الغني لذاته عن كل ذات، كامل النعوت والصفات؛ سبحانه وتعالى.