قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب لعلكم تتقون 179}
  وكفى بهذا في اختلافهما بيانا وحجة.
  فإن قتل القاتل عبدا أو امرأة عمدا، وكان بقتله إياهما في أرض الله مفسدا، قتل إذا صح فساده عند الإمام صاغرا، ولم يحرز قاتله من القتل أن يكون حرا؛ لقول الله سبحانه: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}[المائدة: ٣٢]، وفي الناس الحر والعبد جميعا معا؛ فأحل الله من قتل الأنفس بالفساد في أرضه ما أحل من قتلها بترك التوحيد ورفضه.
  فأما من قتل عبدا أو امرأة مغاضبا أو فلتة أو حصره، فليس كمن قتلهما مفسدا، وكان بفساده في أرض الله متمردا.
  وأما ما سألت عنه من: قول الله سبحانه: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}؟
  فهو: العفو من الطالب عن الدم إلى الدية، إذا كانت نفس الطالب والمطلوب بذلك راضية، وهذا إذا تراضيا به فما لا يقول أبو حنيفة وأصحابه بغيره؛ فجعل الله لرأفته ورحمته بخلقه العفو: عفوين عن الدية والدم جميعا، وعفوا عن الدم إلى الدية؛ رأفة منه وتوسيعا، وأمر الله تبارك وتعالى الطالب بحسن الطلب فيها والمتابعة، وأمر المطلوب بحسن الأداء لها؛ زيادة من الله في الرحمة وتوسعة.
  · قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٧٩}[البقرة: ١٧٩]
  قال في كتاب الأحكام:
  ثم قال ø: {ولكم في القصاص حيوة يا أولي الالباب لعلكم تتقون}، والحياة التي ذكرت في القصاص فهي: ما يداخل الظالمين من الخوف