قوله تعالى: {أمرنا مترفيها ففسقوا فيها}
  لكان هذا القرآن، وإنما نزل عليهم بلسانهم الذي يعرفون ولا ينكرون؛ ألا ترى إلى قول الشاعر:
  وكيف تواصل من أصبحت ... أمانته كأبي مرحب
  يريد: كأمانة أبي مرحب؛ فأضمر، وقال آخر:
  فإن المنية من يخشها ... فسوف يصادفها أينما!
  فأضمر، وإنما أراد: «أينما كان من الدنيا أدركته المنية»؛ فأضمر، وقد قال الله ø: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض}، ثم أضمر؛ وفي الأرض: اليهود، والنصارى، وعبدة الأوثان، والدهرية، وأصحاب النور والظلمة، والزنادقة، وعباد الله(١)، وغير ذلك؛ وإنما المعنى فيه: ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين خاصة دون غيرهم، وتقول العرب: «أما والله يا فلان لولاي لعلمت كيف يكون حالك»، فيجزي ذلك، ويعلمون أنه من طريق الوعيد، «فإنه لولا كذا وكذا لعلمت كيف يكون حالك»؛ فافهم هذا الباب إن شاء الله.
  وقال في كتاب حقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان #:
  · قوله تعالى: {أمرنا مترفيها ففسقوا فيها}، المراد به: أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #:
  الأمر هاهنا: الإكثار والغنى، فلما أكثرهم وأغناهم عصوا، فقصمهم، وقد قيل: أمرهم بالطاعة فعصوا.
(١) الذي في النسخة المطبوعة المنقول منهما هكذا: «البدده»، ولم يتضح المقصود، فلعل الصواب ما ذكرناه.