تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا 83}

صفحة 198 - الجزء 2

  مدا طويلا، فسمى الإملاء هاهنا: عذابا؛ إذ كان إملاؤه له بما يزداد به إثما، ويكتسب له عذابا في الآخرة وخزيا، فلما أن كان الإملاء سببا للعذاب - جاز أن يقول: {نمد له من العذاب مدا}.

  · قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣}⁣[مريم: ٨٣]

  قال في كتاب المجموعة الفاخرة:

  معنى قوله سبحانه: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم} - هو: خلينا، ولم نحل بين أحد من بعد أن أمرنا ونهينا. وليس إرساله للشياطين؛ إلا كإرساله للآدميين، فكل قد أمره بطاعته، ونهاه عن معصيته، وجعل فيه ما يعبده به من استطاعته، ثم بصرهم وهداهم، ولم يحل بين أحد وبين العمل، فمن عمل بالطاعة أثابه، ومن عمل بالمعصية عاقبه، ولم يخرج أحدا من معصيته جبرا، ولم يدخله في طاعته قسرا، فكان ما أعطى من أعطى من الجن والإنس من الاستطاعات، وترك قسرهم على الطاعات - إرسالا وتخلية منه لهم في الحالات، لا ما يقول به أهل الجهالات؛ {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم}⁣[الأنفال: ٤٢]، فلما خذل الكافرين بكفرهم، ولعنهم بجرأتهم، وتبرأ منهم بعصيانهم - غريت بهم الشياطين، وسولت لهم وأملت، فاتبعوها ولم يعصوها ويبعدوها، ولم يتذكروا عندما يطيف بهم طائف الشيطان؛ بل تكمهوا، وغووا وعموا، ولم يكونوا في ذلك عنده كالذين اتقوا؛ فيفعلوا عند إلمام الشيطان بهم كما فعلوا؛ قال الله سبحانه: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}⁣[الأعراف: ٢٠١]، يقول سبحانه: ذكروا ما نهاهم الله عنه من طاعته، وأمرهم به من مخالفته واتخاذه عدوا، حين يقول: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من