قوله تعالى: {لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك}
  أيديهم في هذه الآية خاصة: ما سيكون من القيامة، والحساب والعقاب، والفوز والثواب؛ وما خلفهم: فما خلفوه وراء ظهورهم، عند قبض أرواحهم، وفناء مدتهم.
  · قوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِك}[البقرة: ٦٨]
  في مجموع المرتضى بن الهادي @:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك}، فقلت: ما الفارض، وما العوان؟
  قال محمد بن يحيى #: الفارض التي قد انفرض فمها، وانفراضه فهو: سقوط أسنانها، والبكر فهي: التي لم تلقح قط، فأخبر ø أنها ليست ببكر؛ فدل ذلك على أنها قد نتجت، وليست بكبيرة، فأزاح عنها بقوله: {لا فارض ولا بكر} صفة الكبيرة، وصفة الصغيرة البكر.
  ثم قال سبحانه: {عوان}، والعوان فهي: متوسطة، لا كبيرة ولا صغيرة؛ وهذه فهي: البقرة التي أمر الله سبحانه أن يضرب القتيل ببعضها؛ وذلك: أنه قتل قتيل في بني إسرائيل، فأدارؤوا فيه، وأتهم بعضهم بعضا بقتله، وعظم بينهم الأمر فيه، فأمرهم الله ø أن يضربوه ببعضها، ففعلوا ذلك؛ فعاش القتيل، وأخبرهم بقاتله، فكانت هذه آية عظيمة جليلة، في إحياء الله سبحانه له؛ وقد كان قادرا أن يحييه بضربة عود، لو أمرهم به لقام مقام البقرة؛ ولكن الله يفعل ما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا يقال لما فعل: لم، ولأي شيء؟
  وقد يروى في البقرة: أنها كانت لغلام، بر بوالدته، مطيع لله فيها، فلما أن ماتت لم تكن تركت له إلا البقرة؛ فيقال: إن الله ø أنعم على الغلام؛ لبره، ولطاعته لله سبحانه في الوالدة له، فجعل سبحانه امتحانهم بها، وإحياء قتيلهم ببعضها؛ رحمة منه بصاحبها، فطلبوا الصفة التي أمرهم الله بها في البقرة، فلم