قوله تعالى: {فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة}
  نعمل من سوء)
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: هذا ومثله، وما كان نظيرا له، من جحد الظالمين، المستبينين لظلمهم وإساءتهم في الدنيا، عند معاينة الملائكة ووفاتهم، وفي الآخرة إنما هو: عند عظيم ما يعاينون، وحل بهم، ويطلعون عليه، مما أعد الله من العقوبة لهم، فيطيش منهم عند ذلك الروع والأحلام، ويختلط عند الفزع منهم العقول، فيختلطون في الكلام، ويجحدون الإساءة؛ لما يعاينه المسيء من النكال ويراه، كما يجحد المملوك من الآدميين في دار الدنيا عظيم ذنبه؛ لما يخاف ويحل من كبير العقوبة، وإن لم ينفعه الجحد؛ روعا وفزعا واختلاطا؛ لعظيم ما يعاين وانقطاعا.
  · قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ}[النحل: ٣٦]
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألت عن: قول الله سبحانه: {فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة}؟
  الجواب في ذلك: أن الله سبحانه قد هدى كل الخلق إلى الهدى المبتدأ؛ فمنهم: من قبل الهدى، فحقت له على الله سبحانه الزيادة في هدايته، والتوفيق والتسديد في أفعاله، ومنهم: من أبى الهدى، فحق عليه الضلال بفعله، ووجب عليه الخذلان بكسب يده، حتى حق عليه الخذلان من ربه؛ فالخذلان من الله تبارك وتعالى نازل به، والضلال فمن نفسه، لا من ربه.