تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين 258}

صفحة 124 - الجزء 1

  · قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٢٥٨}⁣[البقرة: ٢٥٨]

  قال في مجموع الإمام القاسم بن إبراهيم #، وقد أورد هذه الآية ما لفظه:

  فقال الملك: {أنا أحيي وأميت}، يريد الملك بقوله: أميت وأحيي: أني أقتل من أردت، وأحيي وأخلي، فلما حاج إبراهيم الملك بحجته في ربه، ودعاه بدليل الحياة والموت إلى ما دعاه الله إليه من المعرفة به، فلم يقر الملك بما عرف، وأنكر وكابر وعسف - احتج إبراهيم صلى الله عليه من الحجة بما لا دعوى له فيه، من إتيان الله بالشمس من مشرقها، فقطعه إبراهيم بحجة الله ووحيها، ثم زاد الحجة عليه تأكيدا، وقول إبراهيم بحجة الله تثبيتا وتسديدا.

  قوله: {فأت بها من المغرب}، فلما حآجه من الحجة بما يغلب كل مغالب، كما قال سبحانه: {فبهت الذي كفر}، وقطعت عليه بحجة الله حجته فيما أنكر، ولم يجد عندها مقالا، وكذلك يفعل الله بمن كان عن الهدى ضالا، كما قال في أمثاله رب العالمين: {والله لا يهدي القوم الظالمين}، ولقد كان في قول إبراهيم صلى الله عليه وآله: {ربي الذي يحيي ويميت}، وتيقن الملك أنه سيموت - ما أغنى كثيرا وكفى، لو كان الملك بما يعرف مقرا معترفا؛ لأن الحياة والموت فعلان موجودان، وصنعان لا شك في أنهما من الصانع معدودان، لا ينكر ما قلنا به فيهما من ذلك سامع، ولا يدعي صنعهما - إلا بمكابرة من مدعيهما - صانع، وإذا صحا وثبتا صنعا وفعلا، وكان الملك وغيره عليهما مجبورا محتبلا، ليس