قوله تعالى: {ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا 47}
  · قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ٤٧}[النساء: ٤٧]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي @:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت}؟
  قال محمد بن يحيى ¥: معنى قوله: {آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم}: أراد سبحانه من أهل الكتاب الإيمان به، وبكتابه ورسله، ومعنى {مصدقا لما معكم}: لما في توراتكم من ذكر محمد ÷، وصفته، والأمر بطاعته؛ لأن الله ø قد ذكره لهم في كتابه، وأخبرهم أنه سيرسله، وأمرهم بطاعته، وبين لهم صفته؛ فإذا لم يؤمنوا بما قد ذكر لهم في كتابهم - فلم يصدقوا بشيء مما في توراتهم، وكذلك لو لم يرسل محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ما أخبرهم ووعدهم لكان ذلك خلفا لوعده؛ فكان إرساله لمحمد ÷ تصديقا لما ذكر في التوراة من نبوته، وكذلك يلزمهم إذا كذبوا بما في التوراة من بعد إثباته وتبيينه - فقد كذبوا بكل ما في التوراة من وحي، وأمر ونهي، ووعد ووعيد، وإذا كذبوا بذلك فقد باينوا بالكفر، وجاهروا به؛ وسواء جحدوا شيئا واحدا مما أمروا به، أو جحدوا جميع ما أنزل إليهم، وما حكم الله به وأمر فيهم.
  ومعنى: {من قبل أن نطمس وجوها} فهو: الخذلان لهم، والإذلال والهوان، وإنزال المصائب بهم، والمسخ لهم، والتغيير لخلقهم، {أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت}، واللعنة من الله ø فهي: العقوبة والعذاب، وأراد سبحانه: ينزل بهم كما أنزل بأصحاب السبت، من المسخ لهم، والتغيير لخلقهم.