قوله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}
  فتقا؟ وما الفتق؟
  قيل له: إن الله تبارك وتعالى الخالق لكل شيء، والمصور له والمدبر - خلق الماء والهواء والنار والرياح، فابتدع هذه الأشياء الأربعة ابتداعا، وانتزع تكوين تصويرها انتزاعا، من غير ما أصل كان موجودا مع الواحد الرحمن؛ بل هو الواحد الأحد، الموجد لكل جميع ما يوجد، فخلق تبارك وتعالى هذه الأشياء طبائعا مختلفة، متضادة غير مؤتلفة، فجعلها أصولا لكل ما خلق وبرأ؛ وهذا المعنى الذي به تكلمنا ذكر ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ لنا؛ قال: «فلما أن خلق الله تبارك وتعالى الماء والرياح - أوحى إلى الرياح بأن تصفق وتهيج غوارب الماء وأمواجه، فهيجت أمواجه، وزعزعت ساكنه، فارتعدت غواربه، فتراكم زبده، وعظم أمره، ثم أوحى إلى النار فأحرقت ذلك الزبد، فثار منه دخان، فصعد الهواء، وبقي حراقة الزبد، فخلق الله السموات من ذلك الدخان، كما قال سبحانه: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ١١}[فصلت]»؛ فقد يمكن أن يكون معنى قوله: {ففتقناهما} هو: ميزناهما من أصل واحد، فخلقناهما، فجعلنا السماء من دخان ذلك الشيء، والأرض من حثالته؛ فهذا عندي أحسن ما أرى فيه من القول؛ والله سبحانه أعلم، وبذلك ﷻ أحكم.
  ولا أتوهم أنه يصح في قوله خلاف هذا، يثبت علي المطالبة، ويمكن في المناظرة، ويمتنع على من رام إفساده من الفساد، ويبين رشده إن شاء الله لمن أراد الرشاد.
  · قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:
  وسألته عن: قول الله: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ٣٥}؟