قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115}
  ولذلك: ما ذكر الله سبحانه إيمان خليله ورسوله إبراهيم خليل الله - عليه أزكى الصلوات وأفضل التسليم -، حين ذكر استغفار إبراهيم لأبيه، وهو يرجوا رجوع أبيه إلى طاعة الله ø ومرضاته، فوعده الاستغفار له إذا تاب مما كان عليه، من شركه بالله ومعصيته؛ فلما أبى ما دعاه إليه ابنه إبراهيم - صلى الله عليه -، من التوبة من عظيم خطيئته، وبان له ما كان عليه أبوه من مشآقة الله جل ذكره، وعصيانه وعداوته، بعد استغفاره له، ورجاءه لرجوعه عن الشرك، وإنابته - تبرأ منه، وخرج من قلبه ما كان عليه من رقته عليه ورحمته، وأثنى الله سبحانه على إبراهيم #، فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم}؛ فأثنى الله ø على تحلمه وصبره في طاعته له سبحانه وشكره، وأنه أواه؛ والأواه: المتأوه، والمتأوه: الرفيق الراحم الكريم؛ فهو - صلى الله عليه - مع تأوهه ورحمته تبرأ من أبيه إذ بان له مشاقته لله، وما كان عليه من عداوته.
  · قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١١٥}[التوبة: ١١٥]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:
  وسألته: عن: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}؟
  يقول سبحانه: [ما كان] ليتركهم ضلالا، بعد تبيينه لهم لما بين، حتى يبين لهم كل ما يحذرون.