قوله تعالى: {ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء}
  على عملها، وهم تولوا فعلها وسردها، وتأليفها ونسجها.
  وأما ما ذكر من قول الله جل ثناؤه: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا} - فكذلك فعل ø؛ فهو المتولي لذلك، لم يفعله غيره، وهو جاعله؛ فجعل من الأكنان - وقاء أوقى من البنيان، وجعل من الظلال؛ لما خلق من الأشجار وغيرها من الجبال - ما تبين فيه القدرة والمنة لذي الجلال؛ فما كان من فعل العباد - فخلاف أفعال ذي المنة والأياد، وما كان من فعل الرحمن - فخلاف فعل الإنسان، لا كما قال المتكمهون الجهال: الله سبحانه والعبد سواء في الأفعال؛ كذب المبطلون.
  · قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء}[النحل: ٩٣]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #:
  قوله ø: {يضل من يشاء ويهدي من يشاء}، قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: معنى ذلك: أنه يوقع اسم الضلال عليه، وينسبه إليه، ويدعوه به؛ فلما أن كان ذلك جاز أن يقول ø: {يضل من يشاء}، أي: بإيقاع اسم الضلال عليهم؛ فلما أن استوجبوا بفعلهم سماهم: ضالين؛ وهذا موجود في لغة العرب، إذا قال رجل لرجل: «يا ضال» , قال: «فلان ضللني» , ويقول السامع: «فلان ضلل فلانا»، ولم يضلله عن منهج ولا عن حجة، وإنما سماه: ضالا، فلما أن سماه ضالا - قال: «ضلله»؛ فعلى هذا يخرج معنى قوله سبحانه: {يضل من يشاء}، أي: يوقع أمر الضلالة على من يستأهل ذلك بفعله، ويستوجبه بجرمه.
  ولو كان الله ø كما يقول الظالمون، ليقضي عليهم بالمعاصي قضاء حتم، ويقضي عليهم بالطاعة قضاء حتم، كما قضى عليهم بالخلق، فجعل منهم أسود