قوله تعالى: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا 21}
  · قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١}[الإسراء: ١٢]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #:
  وأما ما سأل عنه من قول الله ﷻ: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا}، فقال: إن الله سبحانه فضل قوما بأن أدخلهم في الإيمان، على قوم أدخلهم في الكفر والعصيان - فضل بذلك وغوي، وهلك عند الله وشقي، ونسب إلى الله سبحانه من ذلك الجور والردى، فتعالى وتقدس عن ذلك ربنا.
  وليس كما قال الجهال، من أهل السفاهة والضلال؛ بل هو كما قال ذو الجلال، حين يقول: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور}[الشورى: ٤٩]، وكما قال سبحانه لنبيه #: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا}[طه: ١٣١]، ففضل بعضهم على بعض، بما وهب من الذكور، وبما يجعل ويوسع به من الأرزاق، ويمن به ويتفضل على من يشاء من الأرفاق، وما يرزق من يشاء من الحسن والجمال، والمنطق والتمام والكمال؛ فكم قد رأينا، وفهمنا وعاينا، من مولود يولد أعمى، وآخر يكون ذا زيادة ونقصان، وآخر سوي غير زائد ولا ناقص، قد تمت عليه من الله النعماء، وصرفت عنه وعن والديه فيه البلوى؛ فهذا وما كان مثله، مما فضل الله به بعضا على بعض، مما ليس فيه على الله حجة، يفعل من ذلك ما يشاء سبحانه ذو الجلال والحكمة، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
  وأما قوله: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا}، يقول: إن عطاءنا وامتناننا، ومجازاتنا لأهل طاعتنا، في معادهم وآخرتهم على أعمالهم - أكبر درجات، وأكبر تفضيلا، على اجتهادهم في مرضاتنا؛ فمن كثر عمله بالخير كان