قوله تعالى: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}
  أصبتما من أخيكما آنفا أعظم مما تصيبان من هذه الجيفة؛ إنه الآن ينغمس في أنهار الجنة»، يريد: لما أصبتما من ماعز بن مالك، من الأذية والاغتياب - أعظم عند الله من أكلكما هذه الميتة؛ لأن الله سبحانه قد حرم اغتياب المؤمنين، كما حرم أكل الميتة، ثم للمؤمنين حرمة ليست للميتة؛ فمن عصى الله بقطيعة رحم ذي حق، فاغتيابه أعظم من إصابته من الميتة المحرمة، التي لا حرمة لها، مع تحريمها.
  · قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي @:
  في هذه الآية حجة لآل محمد صلى الله عليه وآله، وبيان فضلهم على الناس. ما فضل نبينا نفسه؛ ولكن الله فضله، وجعل لذريته وقومه الفضل به على الناس، كما جعل ذلك لمن كان قبله من الأنبياء، وجعل أكرم كل قبيلة وشعوب من الناس أتقاهم، كما قال الله جل ثناؤه. وقد فضل الله القبائل بعضها على بعض، فجعل التفاضل بين الأنبياء وسائر الناس، فقال: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا}[الإسراء: ٥٥]، وقال: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات}[البقرة: ٢٥٣]، وقال: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا}[الإسراء: ٢١]، وقال: {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون}[الزخرف: ٣٢]، وقال: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم}[الروم: ٢٢]، فإذا اختلف شيء من خلق الله تفاضل، فللرجل الفارسي على الرجل الزنجي فضل - وإن أسلما جميعا - في نسبهما وألوانهما يعرفه الناس، وللسان العرب فضل على لسان العجم يعرفه الناس؛ لأنه لا يدخل في هذا الدين أحد من قبائل العجم،