قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 13}
  ومعنى: {عند ربهم} فهو: عند المصير إلى آخرتهم، والوقوف بين يدي خالقهم، ومعنى: {أبصرنا وسمعنا} أي: أبصرنا ما كنا نكذب به بالمعاينة، وسمعنا بكل ما كنا نخبر به؛ فجاء كل ما كنا نسمع من قولك، وقول أنبيائك - على ما كنا نسمع سواء سواء. قولهم: {فارجعنا} يريدون: أي: ردنا إلى الدنيا؛ حتى نعمل غير الذي كنا نعمل؛ إذ كان عملنا في الدنيا أولا بورا، وهو اليوم - إذ قد عاينا - فقد أصبح عندنا معلوما مخبورا. {إنا موقنون}، يقولون: إنا اليوم بكل ما كنا نكذب به من قبل مؤمنون؛ إذ قد رأيناه عيانا، وواقعناه إيقانا.
  · قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١٣}[السجدة: ١٣]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #:
  وسألته عن: قوله: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}؟
  فقد يكون: أن يكشف عنها عماها، ويريها من آياته ودلائله عيانا - ما يحدث لها معرفة وإيقانا، لا يكون معه لها أجر، ولا يجب به لها ذخر؛ ويكون منها درك اضطرار، لا درك نظر ولا فكرة ولا اعتبار، وفي ذلك وبه: الجزاء والثواب، وعلى ترك ذلك وفي إغفاله: ما(١) يجب العقاب، وهو - وإن كان كذلك - فعلى ما وصفنا من ذلك؛ فهدى وبصيرة، وغير حيرة ولا ضلال، وفيه - إذا كان - ما أخرج أهله من الجهل بالهدى ومن الضلال.
  وهذا - رحمك الله - فوجه من الهدى، لا ينكره ولا يجهله من أبصر واهتدى؛ وما كان لهذه الآية مشابها ونظيرا - فكفى بهذا الجواب فيه حجة وبرهانا منيرا.
(١) لفظة: «ما» إما موصولة، أي: وعلى ترك ذلك وفي إغفاله ما يجب به العقاب، أو مصدرية، أو زائدة.