تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين 31}

صفحة 441 - الجزء 1

  · قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ٣١}⁣[الأعراف: من آية ٣١]

  قال في كتاب الأحكام للإمام الهادي #:

  قال يحيى بن الحسين ¥: المسرف هاهنا هو: المسرف على نفسه بالإنفاق في معاصي الله، والتبذير فيما لا يرضى الله، من الأمر الذي يكون فيه المنفق معاقبا عند الله؛ فنهى سبحانه عباده عن صرف رزقه في معاصيه، والاجتراء بالإنفاق فيما يعاقب عليه؛ فأما إنفاق المرء على إخوانه، وإطعامه لهم، وإنفاقه على أضيافه، وعلى غشيه يطلب رفده منهم - فلا يكون ذلك إسرافا، وإن كان على نفسه آثرهم؛ وكيف يكون الاسراف كذلك، أو يكون على غير ما قلنا من الإنفاق في معاصي الله ذلك، أو يجوز ألا يحب الله من عباده من فعل ما قد حضه عليه، وحمده الله وحده فيه، وذلك قول الله سبحانه في الأنصار، حين آثروا على أنفسهم، وآثروا بقوتهم غيرهم، وأنزلوا الخصاصة بعيالهم وأولادهم، وأنفقوا أموالهم على من هاجر إليهم، فقال ø: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}، فحمدهم بالإنفاق في طاعته، وشكرهم على إدخال الخصاصة عليهم وعلى عيالهم، والإيثار بقوتهم لغيرهم، ولم يذم ذلك من فعلهم.

  وفي ذلك ما يقول ويثني، ويذكر آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإيثار بقوتهم غيرهم، والصبر على الجوع، وإطعام المسكين، واليتيم، والأسير؛ لوجه الله تعالى، فقال سبحانه وتعالى في ذلك: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ٨ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ٩ إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ١٠ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ١١ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ١٢}⁣[الإنسان]، ثم